ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور محاضرات دروس أسئلة أخبار التواصل معنا
اللغة
تابعونا...
احدث العناوين الأخبار العشوائیة أکثر الأخبار مشاهدة
  • اسعد الله ايامكم بمناسبة حلول عيد الله الاكبر، عيد الولاية، عيد الغدير الاغر
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الإمام محمد الباقر (عليه السلام)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام الجواد (عليه السلام)
  • نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
  • نبارك لكم ميلاد أمل المستضعفين الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه
  • نبارك لجمیع الأمة الإسلامیة لاسیما موالي أهل البیت(ع)ذکری ولادة الأقمار الثلاثة
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى استشهاد باب الحوائج الإمام موسی بن جعفر الکاظم (ع)
  • نبارك لكم ذکری ولادة ذكرى ولادة امير المؤمنين (ع)
  • نبارك لكم ذکری ولادة السّیدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)
  • نعزي بوفاة ام البنین(سلام الله علیها)
  • نبارك لکم مولد الرسول الاکرم (ص) وحفیده الامام الصادق(ع)
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى وفاة الرسول الأعظم (ص) و استشهاد الإمام الحسن المجتبى (ع) و الامام علی بن موسی الرضا (ع)
  • فضيلة المشي في زيارة الإمام الحسين عليه السلام في ايام الاربعين
  • اعظم الله لنا ولكم الاجر بمصاب ابي الاحرار الحسين بن علي عليه السلام
  • أَسْعَدَ الله أيامكم بعيد الله الأَكبَر يوم اكمال الدين عيدالغدير الأَغَر
  • نهني و نبارک لکم ذکری مولد بولادة الإمام علي النقي عليه السلام
  • نهنی بمولود الحسین و السجاد و ابا الفضل العباس علیهم صلوات الله
  • اعظم الله اجورنا و اجورکم بذكرى وفاة الرسول الأعظم (ص) و استشهاد الإمام الحسن المجتبى (ع) و الامام علی بن موسی الرضا (ع)
  • زیارة الحسین علیه السلام في الاربعین
  • فاطمة الزهراء’ مرآة جمال الله جلّ جلاله


    «فاطمة الزهراء’ مرآة جمال الله جلّ جلاله»

    الحمد لله فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطاهرين. ربي أنطقني بالهدى وألهمني التقوى: في حديث صحيح متواتر عند الفريقين قال رسول الله محمد| الذي لا ینطق عن الهوی إن هو إلّا وحي یوحی: «يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبكِ ويرضی لرضاكِ» وقال|: «إن لله يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها».

    من الثوابت كما يدلّ عليه الوجدان والبرهان والقرآن، إنّ الحبّ (وهو ميل القلب إلى المحبوب) والبغض (وهو ما يقابل الحبّ) إنّما هما من أعمال القلوب فمحطّهما وموضعهما الفؤاد وسويداء القلب، وتظهر آثارهما على جوارح الإنسان، فإن، ما يضمره يظهر على فلتات لسانه وصفحات وجهه قهراً، كما يظهر إختياراً، وينقسم الحب والبغض من حیث ماهیتهما إلى أربعة أقسام، وهذا يدلّ بعبارة أخرى على تقسيم القلوب إلى أربعة أقسام...

     الأوّل: القلب الشيطاني: فإن إبليس وجنده كالوسواس الخنّاس يسرق قلب الإنسان، فيعشعش فيه ويبيض ويفرّخ كما أشار إلى ذلك أميرالمؤمنين× في (شرح نهج البلاغة، الخطبة 7).

    وقال رسول الله  |: «يأتي على النّاس زمان وجوههم وجوه الآدميّين، وقلوبهم قلوب الشياطين». قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ). فمثل هذا القلب ـ الكذّاب وكثير الإثم والذنوب ـ يحبّ حبّاً شيطانياً، كما يبغض بمقياس ومعيار شيطاني ـ والعياذ  بالله.

    الثاني: القلب الحيواني: الّذي يغلبه الهوى، النّابع من قوتيْ الغضب والشهوة، فيحبّ شهوةً، ويبغض غضباً، تبعاً لميوله الشهوانية وقوّته الغضبیّة والسَّبعیّة. قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ). (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً).

    الثالث: القلب العقلي: إنّ العقل من نِعَم الله ومواهبه الجسيمة علی الإنسان، والمقصود منه عند الأنبيآء والصالحين: (ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان) وإن الثواب والعقاب يدور مداره، فعند ما يمدح ويثنى على شخص في صلاته وعباداته عند الإمام الصادق  × فإنّه يسأل عن عقله: «كيف عقله» وقال رسول الله  | لأميرالمؤمنين  ×: «يا علي إذا تقرّب العباد إلى خالقهم بالبرّ، فتقرّب إليه بالعقل، تسبقهم». فمثل هؤلاء العقلاء أولي البصيرة وذوي الألباب، فإنّ حبهم وبغضهم يدور مدار العقل السليم، بكلّ مراتب العقل ومعانيه. 

    الرابع: القلب العرفاني: فإنّ محور حبّ القلب العارف بالله هو رضا الله سبحانه أي يحبّ ويبغض لله وفي الله، فإن الناس على ثلاثة أصناف في ميولهم القلبيّة كما إليه الإشارة في سورة البقرة في قوله تعالى: 1 ـ (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ).

    2 ـ (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

    3 ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).

    فالطائفة الثالثة من الناس من يبيع نفسه لله سبحانه، فيقرب من الشفافية والعصمة حتى يكون كالبلوّر الشفّاف الصافي، والماء الزلال العذب ویکون قلبه حرم الله وعرشه، ودعاء لعلم الله وأسراره. في يوم من الأيّام تعدّى رجل على قنبر خادم أميرالمؤمنين  × فأراد قنبر أن يردّ بالمثل، فنهاه عن ذلك أميرالمؤمنين  × وقال: «إنْ حَلُمتَ ترضي الرّحمن وتسخط الشيطان». ولا شك إنّ من كان محور أعماله وغاية مقاصده رضا الرّحمن جلّ جلاله، فإنّ الله يعصمه ويهديه إلى صراطٍ حميد، وإلى سُبُل السلام (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ). فالحب والبغض تارة يتبع غواية الشيطان، وأُخرى هوى النفس الأمارة بالسّوء، وثالثة العقل السليم، ورابعة رضوان الله عزّوجل.

    وإمّا رضا فاطمة الزهراء سيدة النساء’ وغضبها، فإنها تارة ترضى وتغضب لكلّ ما يرضى الله ويغضبه، يعني: إذا رضي الله على شيء فهي ترضى كذلك عليه، وإذا غضبَ الله فهي تغضب ایضاً، فإرادتها فانية في إرادة الله ومشيّته، وتكون حينئذٍ وجه الله ومرآة رضاه وغضبه. ولا يخفى انه بالوجه يعرف الشيء، كما يعرف المرء بوجهه، وإذا عرف من خلفه، فلابدّ أن يكون قد عرفه أوّلاً من وجهه، وبهذا إنّما يَعرِف الباطن والسّر من عَرِفَ الظاهر والعلن. ورد في عيون الأخبار عن مولانا الإمام الرضا  × إنّه قال: «من قال لا إله إلاّ الله أعطى له ثواب من ينظر إلى وجه الله، فقيل يا ابن رسول الله : فما معنى ذلك؟ قال  ×: وجه الله الأنبياء ورسل الله» فالنظر اليهم من النظر إلى وجه الله سبحانه. وفي الحديث عن عيسى بن مريم لـمّا سأله الحواريّون: يا روح الله من نعاشر؟ قال: «من يذكّر كم الله رؤيته».

    وإنّ العبد ليتقرّب إلى الله بالنوافل حتى يُحبّه الله، فيكون عندئذٍ سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي يبصر به، كما إنّه يتقرّب إليه بالفرائض، فيكون العبد سمع الله وبصره، وهذا ما يُسمّى عند العرفاء من أهل البيت ^(مقام القرب بالفرائض) كما أنّ الأوّل يُسمّى (مقام القرب بالنوافل). فكانت مولاتنا وسيدتنا أُمّنا فاطمة الزهراء’ وجه الله وجماله، وإن الشهيد لينظر إلى وجه الله، وكذلك أهل الجنة فلا یخفی لطفه. وفي الحديث النبوي الشريف قال رسول الله  |: «يا سلمان من أحبّ إبنتي فاطمة، فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النّار». ومثل هذا الحب والبغض التابع لحب الله وبغضه، إنّما يدل على العصمة الذاتية أو الأفعالية، فان الله يحبّ الطاعات ويبغض المعاصي، فمن أحبّ ما أحبّه الله لا شك يكون مطیعاً غير عاصٍ، وهذا من العصمة والإمتناع عن المعصية.

    والعظمة كلّ العظمة في فاطمة الزهراء’ أنّها فوق العصمة، إذ أنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، وهذا إنّما هو باعتبار وجودها الملكوتي، كما أنّ رضا فاطمة الزهراء لرضا الله باعتبار وجودها المُلكي. وهذا سرّ من أسرارها لا يقف عليه إلاّ الرّاسخون في العلم محمد وآل محمد عليهم‏السلام، ومن يحذو حذوهم كسلمان منّا أهل البيت.

    ثمّ من الثوابت في عقائدنا الحقة، أنّ الله تبارك وتعالى فعالٌ لما يشاء، بيده كل شيء في عالم الأمر والخلق، فإذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وإنّه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، والأوّل من عالم الأمر، والثاني من عالم الخلق. والمعصومون محمد وآل محمد ^ إنّما هم وسائط رحمة واسعة بإذن الله سبحانه لجريان الفيض الإلهي الأقدس والمقدس، وإنهم قادرون بولاية تكوينية التصرف في عالم التكوين وعالم الخلق بإذن من ربّهم، ولابدّ عندئذٍ من معرفتهم ومعرفة مقاماتهم العليّة، وما ورائهم من أسرار، كما إنّ سعادة الدنيا والآخرة إنّما يتمّ بالتمسّك بولايتهم والعمل بنهجهم القويم، ومعرفة الحق وتمیّزه من الباطل، وإنّ الله ليسأل عن ذلك في يوم الدين (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ). ولا ريب أنّ من كان رضاهم رضا الله سبحانه وسخطهم سخطه، وطاعتهم طاعته وعصيانهم معصيته، فإنهم يحوزون الرتبة العليا والدّور الأساسي والمحوري في المنظومة الكونية وفي نظام الخلق. ومولاتنا الزهراء’ بنت المصطفى وحليلة المرتضى وأم الأئمّة النّجباء واحدة من هذه الشخصيات الفريدة، وإذا قال رسول الله  | «إن الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها» فإن هذا الحديث بمدلولاته العظيمة يدّلنا على أنّ مقام الزهراء’ فوق مقام العصمة، وإنها عصمة الله الكبرى.

    .و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.