ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور محاضرات دروس أسئلة أخبار التواصل معنا
اللغة
تابعونا...
تصنیف المقالات احدث المقالات المقالات العشوایئة المقالات الاکثرُ مشاهدة

النجف الاشرف مهد العلم والفضیلة

سماحة آية الله السيد أحمد المددي أحد مدرسي الدراسات العُلیا في الحوزة العلمية بقم المقدسة. وهو من الجيل الأخير من حوزة النجف. تناولنا مع سماحته بحثاً حول حوزة النجف ومستواها العلمي والأخلاقي.
بسم الله الرحمن الرحيم. إنتقلت من مشهد المقدسة إلى النجف الأشرف في مطلع سنة 1390 هـ أو أواخر سنة 1389 هـ، ولي من العمر آنذاك (14) أو (15) سنة. وقد سبق أن سافرت إليها برفقة الوالد، ولكن في السنة المشار إليها سافرت لوحدي بناءً على تجاربي السابقة.
وكانت العلاقات آنذاك بين إيران والعراق خالية من التوتر، والذهاب إلى العراق سهلاً؛ حيث إنّ الحافلات تنقل الزائرين من طهران بأجرة قدرها (20 توماناً) وتوصلهم إلى الكاظمية، ويتمّ التفتيش في نقطة (خسروي) الحدودية بشكل بسيط، والمبيت ليلة واحدة في مدينة (كرند) وربما في مدينة أُخرى في بعض الأحيان.
عندما توجهنا إلى النجف كانت آنذاك زمام المرجعية بيد السيد الحكيم ـ قدّس سرّه. في تلك الفترة فضّل ـ + ـ الإستقرار في الكوفة بسبب بعض الأوضاع السياسية وإتهام ولده من قبل البعثيين بالتجسس لأمريكا، حيث قاموا بإعدام تاجر پاكستاني يدعى (جيته) له صلة بالسيد مهدي الحكيم، ولكن السيد مهدي إستطاع الإفلات منهم إلى خارج العراق. وكان المقصود بهذه العملية النيل من شخصية السيد الحكيم. ثمّ قاموا بتحريك بعض شباب النجف لرمي بيت السيد الحكيم بالحجارة، وداهمت قوات الأمن بيته وفتشوه بذريعة ملاحقة السيد مهدي الحكيم، علماً بأنّ السيد الحكيم كان يعدّ أبرز شخصية علمية ودينية وقتئذ.
وعلى كلّ حال، فإنّ السيد الحكيم كان وقت ورودنا ـ سنة (89) أو (90) ـ في الكوفة، لكن باقي المراجع كانوا متواجدين في النجف؛ حيث كان فيها السيد الشاهرودي والسيد الخوئي والإمام الخميني والشيخ آغا بزرك الطهراني ـ ولكنه كان في أُخريات عمره ـ وكذلك الشيخ الأميني الذي كانت له ترددات على النجف.
وكان إلى جانب المراجع العظام شخصيات علمية كبيرة ـ ثبوتاً ـ وإن لم يكونوا ـ إثباتاً ـ في مصاف المراجع، مثل السيد البجنوردي (وهو زوج خالتنا) وكان شديد الذكاء نقي الفطرة، يتصف بمواهب قلّما رأيتها عند أحد، وهو من العلماء المجهول قدرهم، وقد كانت فترة مكوثه في النجف طويلة أدرك فيها السيد أبو الحسن الإصفهاني.حدثني+ أنّه درّس كتاب الأسفار وهو في الثامنة عشر من عمره في مشهد. وكان المرحوم السيد جلال الآشتياني من تلامذته في النجف، إلّا أنّه عاد إلى خراسان على أثر مرض ألمّ به، وكان يُكنّ إحتراماً كبيراً للسيد البجنوردي، كما كان السيد البجنوردي يمتدحه أيضاً. وعلى كل حال فإنّه لم يتمّ تكريم هذه الشخصية كما ينبغي وتستحق. وكان يقول ملاطفاً: «إنّ السبب في عدم وصولنا إلى مقام


 ما نصفه يعود إلى عدم إرادة الله سبحانه ونصفه إليّ شخصياً»  يعني بذلك أنّه لم يسع إلى المرجعية. وكل ما أصف به هذا الرجل العظيم فهو دون حقه وللأسف، فقد كان وضعه الصحي سيّئاً، بحيث كان يدرّس وهو في فراش المرض كما ينقل ذلك عنه السيد محمّد حسين الجلالي ـ الموجود حالياً في أمريكا ـ إبان دراسته لديه. ويحدثنا السيد البجنوردي نفسه عن زمان دراسته فيقول: وكنا ندرس في زمن الشيخ النائيني والسيد أبو الحسن الإصفهاني في شدّة حرّ الصيف في النجف، ولم يكن عندنا عطلة إلّا بعض أيّام محرم. وحتى في شهر رمضان كانت ثمّة حلقة درس ولو واحدة في مثل «قاعدة لا ضرر» أو قاعدة «لا تعاد» وكان الشيخ النائيني يلقي دروسه في أحد غرف الصحن الكبير الذي فيه قبره الآن.
يعتبر السيد البجنوردي ـ من ناحية إثباتية ـ من الطراز الثاني. وكان الشيخ حسين الحلّي يشبهه من هذه الناحية، وكان من حضّار درسي
 الشيخ الحلّي السيد السيستاني، إلّا عندما جئت إلى النجف كان في أُخريات فترة تدريسه وقد سيطر عليه الضعف، وكان في غاية التواضع في ملبسه ووضعه الخارجي. كنت أمرّ في «شارع الرسول» فيقع نظري على الشيخ حسين الحلّي وهو جالس عند صاحب دكّان هناك، وقد اعتم بعمامة صغيرة غير منتظمة ومن لا يعرفه قد يعتبره إنساناً عادياً من «الدوّارين». ولكن ما كتب من دروسه يكشف عن عمق هذا الرجل ودقته.
ولقد كان السيد الشاهرودي& بحق مظهراً للورع والتقى، وكان معروفاً بالدقّة والعمق، وهو من التلامذة المتفوقين للميرزا النائيني. لقد كان الميرزا النائيني يؤيد إجتهاد من يشهد له السيد الشاهرودي بالإجتهاد. كما كان يحظى بإحترام السيد أبو الحسن الإصفهاني. وتزامن وقت دخوله إلى النجف مع مرجعية الآخوند الخراساني. وكان منذ تلك الفترة عفيفاً، منشغلاً بنفسه منصرفاًَ عن غيره. وكانت تربطه بجدّي المرحوم السيد علي المددي علاقة حميمة.
وقد حضر السيد الشاهرودي درس الآخوند لمدة سنتين، ثمّ حضر على الميرزا النائيني. ومن المحتمل أنّه حضر درس السيد أبو الحسن الإصفهاني أيضاً، ولكنه في الأساس كان يعتبر تلميذ الميرزا، وكان الميرزا يوليه عناية خاصة وفائقة.
وكان السيد الشاهرودي عند قدومنا إلى النجف وجهاً معروفاً في العلم والعمل، يتمتع بقلب ملؤه الرقة والصفاء الذي يسيطر من خلاله على مشاعر الآخرين. كما إذا مرّ بزقاق ووجد طفلاً يبكي تراه لا يواصل طريقه حتى يسكته ثمّ يمضي. ولكنه عندما قدمنا إلى النجف كان قد أثرت فيه الشيخوخة، إلّا أنّه مع ذلك كان قد يدرّس في بعض الأحيان، وكنت أنا في حينها أدرس مرحلة السطوح ولم أحضر درسه. إلّا أنّ الظاهر أنّ درسه لم يكن في كل ليلة، بل بين ليلة وأُخرى لشيخوخته. وقد توفي السيد الشاهرودي في سنة 1394 هـ، وأتذكر أنّه في ذلك اليوم الذي توفي فيه كنا في مجلس عزاء في منزل السيد البجنوردي يوم الخميس فدخل علينا



شخص وأخبرنا بخبر وفاة السيد فنهضنا وذهبنا إلى بيته+.
بعد وفاة السيد الشاهرودي كان أهم درس في النجف هو درس السيد الخوئي. وكان للسيد الحكيم في ذلك الوقت درس كبير أيضاً. ويأتي بالدرجة الثانية بعد هؤلاء الميرزا باقر الزنجاني والشيخ حسين الحلّي والسيد البجنوردي والسيد محمّد تقي بحر العلوم وغيرهم.
الإمام الخميني&: عندما قدمنا إلى النجف كان له حلقة درس جيّدة، فقد كان يدرّس خارج المكاسب وقد حضرت أواخره. ثمّ بدأ بعده بحث «الخلل»، وقد حضرت بعضه ولكن لم أستمر إلى آخره، وكان درس خارج المكاسب منحصراً به تقريباً، ومن جهة كان السيد عبد الأعلى السبزواري يدرس خارج الخيارات.
عُرف الإمام الخميني ـ إلى جانب الدروس المعروفة ـ بتدريس الفلسفة والعرفان أيضاً. ولكن في تلك الفترة التي كنت فيها في النجف كان قد ترك تدريس الفلسفة. وكان أُستاذ الفلسفة المعروف الشيخ صدرا البادكوبي الذي حضرت عليه السطوح. وكانت له حلقة درس في المكاسب والكفاية.وإلى جانب ذلك كان يدرس المنظومة التي حرّم درسها السيد الشاهرودي، فعطّل الشيخ البادكوبي تدريسها، ولكنه إستمر بتدريسها بشكل خاص. وقد درس السيد الشهيد محمّد باقر الصدر كتاب «المنظومة» عنده بشكل خاص. وكان الشيخ البادكوبي يدرّس الخارج أيضاً. لكنه إنحصر درسه بعد ذلك بتدريس السطوح. وكان درسه في السطوح يُعدّ أهم درس في النجف لهذه المرحلة. ومن دروس السطوح أيضاً درس الميرزا التبريزي ويعتبر من أبرز تلامذة السيد الخوئي، وقد قام بتدريس الكفاية في أواخر تواجده في النجف.
وكان من أشهر الأساتذة في تلك الفترة: السيد محمّد باقر الصدر والسيد السيستاني والسيد محمّد الروحاني والميرزا علي الغروي وقد درست الجزء الثاني من الكفاية عنده، وكان يتمتع ببيان رائع. ثمّ بدأ بعد ذلك درس الخارج في أواخر تواجدي في النجف. وفي السنة التي قدمت فيها إلى النجف كان السيد محمّد باقر الصدر قد فرغ من تدريس السطوح والظاهر أنّه قد بدأ ـ في سنة قدومي ـ بتدريس الدورة الثانية من بحث الخارج، وكان السيد مصطفى الخميني من المدرسين في حوزة النجف ولكن أذكر أنّه بدأ درس الخارج.
وكان درس الشهيد الصدر والسيد الخوئي أكثر الدروس حضوراً، وعندما جئت إلى النجف كان حضور درس السيد الصدر قليلاً، ولكنه إزداد حضوره بالتدريج ولعله فاق حضوره حتى درس السيد الخوئي أو مساوياً له. وأمّا حضور درس السيد السيستاني فقد كان (20) أو (30) شخصاً. وكنّا من حضّار درسه، ثمّ نشط درس السيد السيستاني بعد ذلك أكثر مما سبق. وأمّا السيد البجنوردي فقد إنتقل إلى رحمة الله.
من أراد تفصیل المقالة فعلیه أن یقرأ مجلة الکوثر عدد 31
او یرجع الی العنوان التالي http://www.altabliq.com/arabic/book/70/975/



ارسال الأسئلة